كلمة السيد الأمين العام للعتبة الكاظمية المقدسة بمناسبة مولد السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على أفضاله وآلائه، والشكر على جميل نعمائه، والصلاة والسلام على أشرف أنبيائه محمد المصطفى وعلى الأئمة من آله.. السلام على بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم السيدة الجليلة فاطمة الزهراء..
السلام على الإمامين الهمامين الكاظمين الجوادين.. ورحمة الله وبركاته..
السادةُ الحضور.. أصحابُ السماحة.. الشيوخُ الأفاضل.. الضيوفُ الكرام.. مع حفظ الألقاب والمقامات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ما أسعدنا اليومَ ونحن نجتمعُ في رحاب الإمامين الجوادين عليهما السلام لنحتفي بذكرى ولادة سيدةِ الطُّهرِ والعَفاف.. سيدة العِزّ والإباء.. سيدةِ نساء العالمين.. فاطمةَ بنتِ محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم.
حتما لا يسعفنا الوقت مهما طال.. ولا الكلمات مهما تزاحمت ولا الأقلام مهما تكاثرت لوصف امرأة حورية إنسية.. مجاهدة رسالية.. رسمت خارطة النجاة لنصف المجتمع لأنها كانت وما زالت قدوة وأسوة للمرأة المربية والمرأة الزوجة والمرأة البنت.. فالمرأة نصف المجتمع كما تعلمون. إنه يوم عظيم.. يوم أطلّت على الدنيا امرأةٌ تضاهي هِمَمَ الرجال.. امرأةٌ هي عنوانُ القداسة والشرف.. امرأةٌ جسّدت الهُويةَ الإسلامية بالتزامها طاعةِ الله.. لقد وقعت هذه الولادة السعيدة في عصرٍ وبيئةٍ لم يكن يُنظر إلى المرأة كإنسانة، بل كان وجودها مدعاةً لشعور أسرتها بالعار.. في مثل هذه البيئة الفاسدة، أخذ نبي الإسلام العظيم بيد المرأة وأنقذها من مستنقع العادات الجاهلية.. ويشهد التاريخ على الاحترام الكبير الذي أولاه رسولُ اللهِ محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) لهذا المولودِ النبيل، لكي يُلفتَ الأنظارَ إلى عظمةِ المرأةِ.. ومكانتِها في المجتمع، وأنها ليست أدنى من الرجل، إنْ لم تكن أفضلَ منه في بعض المواقف.. فمثلُ هذا اليوم هو يومُ افتخارٌ للمرأة المسلمة.. يومَ ولادةِ المثلِ الأعلى لانطلاق دورِها العظيمِ في المجتمع.
لم تكن الزهراء امرأةً عادية، بل كانت امرأةً روحانيةً وملكوتيةً.. ولم تكن مجردَ أنثى وسط مجتمعٍ ينظر للمرأةِ باستصغار.. بل كانت محطةً انطلقت منها الحركات الرسالية.. فهي أم أبيها التي ساندت رسولَ اللهِ لنشر دعوتِه السماوية.. وهي الحضنُ الطاهر للإمامة الإلهية.. فكانت هي المرأةُ التي اجتمعت فيها النبوةُ والإمامةُ.. وهو دورٌ انفردت به الزهراء من دونِ نساءِ الخلقِ حتى أصبحت الصديقةَ الكبرى وسيدةَ النساءِ من الأوّلين والآخِرين.
الحفل الكريم.. عندما نتحدث عن الصديقة الزهراء (عليها السلام) إنما نتحدث عن الأنموذج الأفضل للمرأة.. الأنموذج الحي في مختلف الجوانب الزوجية والبيتية والحركية في المجتمع، لصناعة مجتمع يشمل كل عناوين الإنسانية النبيلة، ولنتعلّم منها كيفية تحمّل المسؤولية تجاه البشرية.. وكيف يكون عطاؤنا للمجتمع، وأن نتحمل مسؤولية نشر الثقافة الإسلامية والفكر المحمدي الأصيل كمفاهيم التسامح واللاعنف وإفشاء الأخوة الإسلامية.. ولله در الشاعر الموفق علي العاملي عندما قال في مدحها (عليها السلام):
الله عظّمها فكانت رفعةً رامَ العُلى لَوْ أنّه داناها
فاقتْ مكانةَ مريمٍ وخديجةٍ نسباً وشأناً لا يُحدُّ وجاها
حَوتِ الفضائلَ والمناقبَ كلَّها منْ مثلها بينَ العبادِ حواها؟
الله زوّجها الوصيَّ المُرتضى والله مما قد حباه حباها
هي نَفْسُهُ هو نفسها هي روحه هو روحها والاه منْ والاها
هي كفؤه هو كفؤها هي نصفه هو نصفها عاداه من عاداها
فيها رَسُولُ الله قال لينحني هامُ القداسةِ خاشعاً لثراها
الله يغضبُ حينَ تغضبُ بضعتي والله يرضى دائماً لرضاها
ختاماً نتوجه من هذا الرحاب الطاهر.. من جوار الإمامين الهمامين موسى الكاظم ومحمد الجواد عليهما السلام سائلين الله بحق فاطمةَ وأبيها وبَعلِها وبنيها والسرِّ المستودَعِ فيها أن يحفظ عراقنا وشعبنا من كل مكروه وأن يجعلنا وإياكم من الذين يدخلون السرور على قلب السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام بأقوالنا وأفعالنا إنه سميع مجيب وأن يعجّل فرج وليه القائم (اللهم كُن لوليّك الحُجَّة بن الحَسَن صَلواتُكَ عَليه وَعَلى آبائه في هذه السّاعة وفي كُلّ سَاعَة وَليّاً وَحَافِظا وَقائِداً وَ ناصراً ودَليلاً وَ عَينا حَتّى تُسكِنَه أرضَك طَوعاً وَتُمَتِعَه فيها طَوِيلاً برحمتك يا أرحم الراحمين وصلّ اللهم على محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين)..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته